* أحمد فؤاد محي الدين
** لم يكن فؤاد محيي الدين ثوريا ولكنه كان سياسيا محنكا أجاد قراءة الطالع
السياسي بشكل لم يتحقق لسياسي سواء في تاريخنا الحديث والمعاصر. ولذا كان
طبيعيا أن ينجح في تحقيق تطلعاته وطموحاته في مختلف العصور السياسية التي
عاصرها. وواقع الحال ان الدكتور فؤاد محيي الدين أدرك مبكرا ان السياسة هي
الباب الملكي نحو المجد وتحقيق أمنيته في اعتلاء منصب - رئيس الوزراء -
الأمر الذي أكده الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين في إحدي مقالاته. تلك
الطموحات التي ظهرت علي السطح مبكرا منذ كان محيي الدين طالبا بكلية الطب
في منتصف الأربعينيات وصرح لصديقه أحمد بهاء الدين أنه سوف يتخرج في كلية
الطب ويدرس بها ثم يصبح وزيرا فرئيسا للوزراء الأمر الذي تحقق بالفعل بعد
37 عاما عندما اختاره الرئيس مبارك لتشكيل أول حكومة مصرية في أعقاب حادث
المنصة الشهير الذي أودي بحياة الرئيس السادات يوم السادس من أكتوبر 1981
فكان بذلك أول طبيب مصري في تاريخنا المعاصر يصبح رئيسا للوزراء بعد
انخراطه في العمل السياسي منذ تخرجه في الجامعة وحتي أصبح رئيسا للوزراء في
مطلع يناير من عام 1982 للمرة الأولي وعندما شكل وزارته الثانية يوم 31
أغسطس من نفس العام شرع في تنفيذ أول خطة خمسية في عهد مبارك ولم يستمر
طويلا فقد وافته المنية في أعقاب وصوله لمكتبه ظهر يوم الخامس من يونيو عام
1984 الموافق الخامس من رمضان عام 1404ه بعد أن أتم الثامنة والخمسين من
عمره بشهور قليلة.
** تولي الدكتور فؤاد محيي الدين منصب المحافظ ثلاث مرات الأولي في الشرقية
عام 1968 والثانية في الاسكندرية عام 1970 ثم في الجيزة عام 1971 قبل أن
يدخل الوزارة لأول مرة وزيرا للحكم المحلي والتنظيمات الشعبية في أعقاب نصر
أكتوبر عام 1973 وفي عام 1974 تولي وزارة الشباب لعدة شهور قبل توليه
وزارة الصحة "1974-1976" وفي أول وزارة تشكلت بعد توقيع اتفاقية السلام مع
إسرائيل برئاسة الدكتور مصطفي خليل أواخر عام 1978 تم استبعاده نهائيا من
التشكيل الوزاري ورغم ابتعاده عن دائرة الضوء لم تهتز ثقته بنفسه وظل
متمسكا برهاناته السياسية وبالفعل بدأت رحلة الصعود السياسي نحو المنصب
الرفيع بعد عامين من ابتعاده عن المناصب الوزارية عندما اصدر الرئيس
السادات قراره الجمهوري رقم 208 لسنة 1980 بتشكيل الحكومة برئاسته. وتضمن
القرار اختيار فؤاد محيي الدين نائبا عنه في الاشراف علي اجتماعات مجلس
الوزراء وتقديم برنامج الحكومة للشعب.
** آخر الكلام:
عاش أحمد فؤاد محيي الدين - 58 عاما - منذ خروجه للحياة يوم السادس عشر من
فبراير عام 1926 بقرية كفر شكر معقل عائلية محيي الدين بالقليوبية وحتي
أسدل الستار علي حياته وما بين مولده ورحيله تخرج في كلية الطب عام 1949
وحصل علي درجة الدكتوراه في الأشعة عام 1961 والجدير بالذكر انه حاز علي
ثقة زملائه في نقابة الأطباء بامتداد عشر سنوات "1956-1965" تولي خلالها
منصب سكرتير عام النقابة إبان تلك الفترة التي **غ فيها نجمه السياسي ونجح
في انتخابات مجلس الأمة وظل نائبا عن الشعب بامتداد سبعة عشر عاما وقبل
رحيله بأسبوع واحد حقق نجاحا ساحقا في انتخابات مجلس الشعب عام 1984 بدائرة
شبرا الخيمة. وشاء القدر أن يكون مقعده أول مقعد يخلو من صاحبه بعد
الانتخابات قبل أن يكرمه الرئيس مبارك بمنح اسمه قلادة النيل تقديرا لعظيم
دوره في تاريخ مصر المعاصر.