السلطان الغازي محمد الثاني الفاتح (
بالتركية العثمانية: فاتح سلطان محمد خان
ثاني؛
بالتركية: Fatih Sultan Mehmed II أو II. Mehmed)
والذي عُرف في
أوروبا خلال
عصر النهضة باسم "
Mahomet II"، أي
ذات اللفظ الذي كان الأوربيون يلفظون به اسم
نبي الإسلام،
[3][4] هو سابع
سلاطين الدولة العثمانية وسلالة
آل عثمان، يُلقب، إلى جانب "
الفاتح"،
بأبي الفتوح و
أبو الخيرات، وبعد فتح
القسطنطينية أضيف لقب "
قيصر" إلى ألقابه وألقاب باقي
السلاطين الذين تلوه.
[5] حكم ما يقرب من ثلاثين عامًا عرفت توسعًا كبيرًا
للخلافة الإسلامية.
يُعرف هذا السلطان بأنه هو من قضى نهائيًا على
الإمبراطورية البيزنطية بعد أن
استمرّت أحد عشر قرنًا ونيفًا، ويعتبر الكثير من المؤرخين هذا الحدث خاتمة
العصور الوسطى وبداية
العصور الحديثة،
[6][7] وعند
الأتراك فهذا الحدث هو "فاتحة عصر الملوك" (بالتركية:
çağ açan hükümdar).
تابع السلطان محمد فتوحاته في
آسيا، فوحّد ممالك
الأناضول، وتوغّل في
أوروبا حتى
بلغراد. من أبرز أعماله الإدارية دمجه للإدارات
البيزنطية القديمة في جسم الدولة العثمانية المتوسعة آنذاك. يُلاحظ أن محمد
الثاني لم يكن أول حاكم تركي للقسطنطينية، فقد كان أحد الأباطرة
الروم السابقين، والمدعو "ليون الرابع" (
باليونانية: Λέων Δ΄) من أصول
خزرية،
وهؤلاء قوم من
الترك شبه رحّل كانوا يقطنون سهول شمال
القوقاز. كان محمد الثاني عالي الثقافة ومحبًا
للعلم والعلماء، وقد تكلّم عدداً من
اللغات إلى جانب
اللغة التركية، وهي:
الفرنسية،
اللاتينية،
اليونانية،
الصربية،
الفارسية،
العربية،
والعبرية.
[8][9]//
بداية
حياته إخبار
نبي الإسلام عنهيؤمن
المسلمون بأن
النبي محمد بن عبد الله-صلى الله عليه وسلم- تحدث
عن
أمير من أفضل أمراء العالم، وأنه هو من سيفتح القسطنطينية
ويُدخلها ضمن الدولة الإسلامية، فقد ورد في مسند
أحمد بن حنبل في الحديث رقم 18189:
| حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَعَافِرِيُّ، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ.[10] |
|
مولده
ونشأتهرسم بيد السلطان محمد الثاني مأخوذ من كتاب رسوماته عندما كان صبيّا، وتظهر
في الأعلى طغرائه المكونة من حروف متشابكة.
وُلد محمد الثاني، للسلطان "
مراد الثاني" و"هما خاتون"،
[1][11] فجر يوم الأحد بتاريخ
20 أبريل،
1429 م، الموافق في
26 رجب سنة
833 هـ في مدينة
أدرنة، عاصمة
الدولة العثمانية آنذاك.
[12] عندما بلغ محمد الثاني ربيعه الحادي عشر أرسله والده السلطان إلى
أماسيا ليكون حاكمًا عليها وليكتسب شيئًا من الخبرة
اللازمة لحكم الدولة، كما كانت عليه عادة الحكّام العثمانيين قبل ذلك
العهد. فمارس محمد الأعمال السلطانية في حياة أبيه، ومنذ تلك الفترة وهو
يعايش صراع
الدولة البيزنطية في
الظروف المختلفة، كما كان على اطلاع تام بالمحاولات العثمانية السابقة لفتح
القسطنطينية، بل ويعلم بما سبقها من محاولات متكررة في العصور الإسلامية
المختلفة.
[13] وخلال الفترة التي قضاها حاكماً على
أماسيا، كان السلطان مراد الثاني قد أرسل إليه عددًا
من المعلمين لكنه لم يمتثل لأمرهم، ولم يقرأ شيئاً، حتى أنه لم يختم
القرآن الكريم، الأمر الذي
كان يُعد ذا أهمية كبرى، فطلب السلطان المذكور، رجلاً له مهابةٌ وحدّة،
فذكر له المولى "
أحمد بن إسماعيل الكوراني"، فجعله معلمًا لولده
وأعطاه قضيبًا يضربه به إذا خالف أمره، فذهب إليه، ودخل عليه والقضيب
بيده، فقال: "أرسلني والدك للتعليم والضرب إذا خالفت أمري"، فضحك السلطان
محمد الثاني من ذلك الكلام، فضربه المولى الكوراني في ذلك المجلس ضربًا
شديدًا، حتى خاف منه السلطان محمد، وختم القرآن في مدة يسيرة.
[14]هذه التربية
الإسلامية كان لها الأثر الأكبر في تكوين شخصية محمد
الفاتح، فجعلته مسلمًا مؤمنًا ملتزمًا بحدود
الشريعة، مقيدًا بالأوامر والنواهي، معظمًا لها
ومدافعًا عن إجراءات تطبيقها، فتأثر بالعلماء الربانيين، وبشكل خاص معلمه
المولى "الكوراني" وانتهج منهجهم.
[15] وبرز دور الشيخ "
آق شمس الدين" في تكوين شخصية محمد الفاتح وبث
فيه منذ صغره أمرين هما: مضاعفة حركة الجهاد العثمانية، والإيحاء دومًا
لمحمد منذ صغره بأنه الأمير المقصود
بالحديث النبوي، لذلك كان الفاتح يطمع أن ينطبق
عليه حديث نبي الإسلام.
[13] اعتلاؤه
العرش للمرة الأولى وتنازله عنه مقالات تفصيلية :
مراد الثاني،
معركة فارنا و
الإمبراطورية النمساوية المجريةالسلطان مراد الثاني، والد السلطان محمد الفاتح.
معركة فارنا، بريشة "يان ماتيكو".
في
13 يوليو سنة
1444 م، الموافق
26 ربيع الأول سنة
848 هـ، أبرم السلطان
مراد الثاني معاهدة سلام مع
إمارة قرمان بالأناضول، وعقب ذلك توفي أكبر
أولاد السلطان واسمه علاء الدين، فحزن عليه والده حزنًا شديدًا وسئم
الحياة،
[16][17] فتنازل عن الملك لابنه محمد البالغ من العمر أربع عشرة سنة، وسافر إلى
ولاية
أيدين للإقامة بعيدًا عن هموم الدنيا وغمومها.
[18] لكنه لم يمكث في خلوته بضعة أشهر حتى أتاه خبر غدر
المجر وإغارتهم على بلاد
البلغار غير مراعين شروط الهدنة اعتمادًا على تغرير
الكاردينال "سيزاريني"، مندوب
البابا، وإفهامه لملك المجر أن
عدم رعاية الذمة والعهود مع المسلمين لا تُعد حنثًا ولا نقضًا.
[18]وكان السلطان محمد الثاني قد كتب إلى والده يطلب منه العودة ليتربع على
عرش السلطنة تحسبًا لوقوع معركة مع المجر، إلا أن مراد رفض هذا الطلب. فرد
محمد الثاني الفاتح : "
إن كنت أنت السلطان فتعال وقف على قيادة جيشك
ورياسة دولتك وإن كنت أنا السلطان فإني آمرك بقيادة الجيش". وبناءً
على هذه الرسالة، عاد السلطان مراد الثاني وقاد
الجيش العثماني في
معركة فارنا، التي كان فيها النصر الحاسم
للمسلمين بتاريخ
10 نوفمبر سنة
1444 م، الموافق في
28 رجب سنة
848 هـ.
[19]يُقال بأن عودة السلطان مراد الثاني إلى الحكم كان سببها أيضًا الضغط
الذي مارسه عليه
الصدر الأعظم "خليل باشا"،
الذي لم يكن مولعًا بحكم محمد الثاني، بما أن الأخير كان متأثرًا بمعلمه
المولى "الكوراني" ويتخذ منه قدوة، وكان الكوراني على خلاف مع
الباشا.
الفترة
في مانيسا (1446-1451موقع مانيسا في
تركيا.
انتقل السلطان محمد الثاني إلى
مانيسا الواقعة بغرب
الأناضول بعد ثورة
الإنكشارية عليه، وبعد أن
جمعهم والده وانتقل لخوض
حروبه في
أوروبا. ليس هناك من معلومات كثيرة تفيد بالذي قام به
السلطان محمد في الفترة التي قضاها في مدينة
مانيسا، ولكن يُعرف أنه خلال هذه الفترة، تزوج السلطان
بوالدة ولي العهد، كما كان يُطلق على زوجات السلاطين، "أمينة گلبهار" ذات
الجذور
اليونانية النبيلة،
[20] من قرية "دوفيرا" في
طرابزون،
[20] والتي توفيت بعد ذلك عام
1492 بعد أن أنجبت السلطان
بايزيد الثاني.
[21] وكان السلطان مراد الثاني قد عاد إلى عزلته مرة أخرى بعد أن انتصر على
المجر واستخلص مدينة فارنا منهم، لكنه لم يلبث فيها هذه المرة أيضا، لأن
عساكر
الإنكشارية ازدروا ملكهم الفتى محمد الثاني وعصوه
ونهبوا مدينة
أدرنة عاصمة الدولة، فرجع إليهم السلطان مراد الثاني في
أوائل سنة
1445 وأخمد فتنتهم. وخوفًا من رجوعهم إلى إقلاق
راحة الدولة، أراد أن يشغلهم بالحرب، فأغار على بلاد
اليونان و
الصرب طيلة سنواته الباقية، وفتح
عددًا من المدن والإمارات وضمها إلى الدولة العثمانية.
[19] تزوج السلطان محمد في هذه الفترة أيضا بزوجته الثانية "ستّي مكرم خاتون"
الأميرة من سلالة ذي القدر
التركمانية.
[22][23]قام محمد الفاتح خلال المدة التي قضاها في
مانيسا، بضرب النقود
السلجوقية باسمه،
[24] وفي أغسطس أو سبتمبر من عام
1449، توفيت والدته،
[25] وبعد هذا بسنة، أي في عام
1450، أبرم والده صلحًا مع "اسكندر
بك"، أحد أولاد "جورج كستريو" أمير
ألبانيا الشمالية الذين كان السلطان مراد الثاني قد
أخذهم رهائن وضمّ بلاد أبيهم إليه بعد موته. وكان اسكندر المذكور قد أسلم،
أو بالأحرى تظاهر بالإسلام لنوال ما يكنه صدره وأظهر الإخلاص للسلطان حتى
قرّبه إليه، ثم انقلب عليه أثناء انشغاله بمحاربة الصرب والمجر، وبعد عدد
من المعارك لم يستطع الجيش العثماني المنهك استرجاع أكثر من مدينتين
ألبانيتين،
[26] فرأى السلطان مصالحة البك ريثما يعود ليستجمع جيشه قوته ثم يعود لفتح
مدينة "آق حصار"